سورة النحل - تفسير تفسير ابن جزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النحل)


        


{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90)}
{إِنَّ الله يَأْمُرُ بالعدل والإحسان} يعني بالعدل: فعل الواجبات، وبالإحسان: المندوبات، وذلك في حقوق الله تعالى وفي حقوق المخلوقين، قال ابن مسعود: هذه أجمع آية في كتاب الله تعالى {وَإِيتَآءِ ذِي القربى} الإيتاء مصدر آتى بمعنى أعطى، وقد دخل ذلك في العدل والإحسان، ولكنه جرده بالذكر اهتماماً به {وينهى عَنِ الفحشاء} قيل: يعني الزنا، واللفظ أعم من ذلك {والمنكر} هو أعم من الفحشاء، لأنه يعم جميع المعاصي {والبغي} يعني الظلم.


{وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (91) وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (92)}
{وَلاَ تَنقُضُواْ الأيمان} هذا في الأيمان التي في الوفاء بها خير، وأما ما كان تركه أولى، فليكفر عن يمينه وليفعل الذي هو خير منه، كما جاء في الحديث، أو تكون الأيمان هنا ما يحلفه الإنسان في حق غيره، أو معاهدة لغيره {وَقَدْ جَعَلْتُمُ الله عَلَيْكُمْ كَفِيلاً} أي رقيباً ومتكفلاً بوفائكم بالعهد، وقيل: إن هذه الآية نزلت في بيعة النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل: فيما كان بين العرب من حلف في الجاهلية {وَلاَ تَكُونُواْ كالتي نَقَضَتْ غَزْلَهَا} شبّه الله من يحلف ولم يفِ بيمينه بالمرأة التي تغزل غزلاً قوياً ثم تنقضه.
ورُوي أنه كان بمكة امرأة حمقاء تسمى ريطة بنت سعد، كانت تفعل ذلك وبها وقع التشبيه، وقيل إنما شبه بامرأة غير معينة {أنكاثا} جمع نكث، وهو ما ينكث أن ينقض، وانتصابه على الحال {تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ} الدخل الدغل، وهو قصد الخديعة {أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أربى مِنْ أُمَّةٍ} أن في موضع المفعول من أجله: أي بسبب أن تكون أمة، ومعنى أربى: أكثر عدداً أو أقوى، ونزلت الآية في العرب الذين كانت القبيلة منهم تحالف الأخرى، فإذا جاءها قبيلة أقوى منها وغدرت بالأولى وحالفت الثانية، وقيل: الإشارة بالأربى هنا إلى كفّار قريش؛ إذ كانوا حينئذٍ أكثر من المسلمين. {إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ الله بِهِ} الضمير للأمر بالوفاء، أو لكون أمة أربى من أمة، فإن ذلك يظهر من يحافظ على الوفاء أولاً.


{وَلَا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (94)}
{فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا} استعارة في الرجوع عن الخير إلى الشر، وإنما أفرد القدم ونكّرها: لاستعظام الزلل في قدم واحدة فكيف في أقدام كثيرة {وَتَذُوقُواْ السواء} يعني في الدنيا {بِمَا صَدَدتُّمْ عَن سَبِيلِ الله} يدل على أن الآية فيمن بايع النبي صلى الله عليه وسلم {وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} يعني في الآخرة.

10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17